۱۱ رمضان
.
۶ دقيقة
.
ترجمة
في كل مكان تعيش فيه في هذا العالم، فإنك تواجه في بداية إطلاق أي شركة العديد من التحديات وخلال كل عملية ريادة للأعمال، فإنك ستمر بالكثير من مراحل الصعود والهبوط. إطلاق الشركات ربما يكون القرار الأكثر إثارة الذي يمكن أن تأخذونه في حياتكم ولكن يجب أن تنسى أخذ خطوة في هذا الاتجاه في كل بلد توجد قيود وموانع خاصة بذاك المكان. تختلف الصعوبات الخاصة بهذا الطريق في الدول الأوروبية عن تلك الموجودة في الشرق الأوسط. نهدف في هذه المقالة إلى دراسة التحديات التي من الممكن أن تواجهها ريادة الأعمال في بداية انطلاقها وذلك في منطقة مِنا .
إن ريادة الأعمال ضرورية في كافة المجتمعات من أجل إيجاد فرص عمل وزيادة النمو الاقتصادي. كما تعتبر ريادة الأعمال هي الأساس للابتكار؛ وهذا الابتكار هو المحرك الأساسي للتنمية والتطور الاقتصادي.
في الدول النامية، الشركات الصغيرة الناجحة، هي المحرك الأصلي لإيجاد فرص العمل، النمو، والدخل وبالنتيجة الحد من الفقر. مع ذلك، في منطقة منا، فإن بيئة ريادة الأعمال والشركات بشكل كبير هي واقعة تحت ضغط البيروقراطية المتآكلة، السلطة القضائية غير الفعالة، والحكومات التي تعاني من التضخم، إضافةً إلى الآليات التنفيذية غير المستقرة وغير المُرضية. هناك قيود أساسية في منطقة منا اليوم تحول دون الوصول إلى النجاح الاقتصادي تتمثل هذه القيود بالسياسات التجارية غير الصحيحة، التنفيذ الجزئي للعقود، إدارة الضرائب المتناقضة، اللوائح الصارمة للدخول إلى البلاد، الأجور غير المستقرة بالنسبة للملكية والملكية غير المستقرة للأرض.
بشكل تقليدي، تتسبب الإجراءات الإدارية فوق الحد الطبيعي في كل بلد بأعباء كبيرة مالية وزمانية على المستثمرين. تكاليف هذه الطرق شاقة وباهظة كما أن دخل الاستثمار فيها قليل. نفس السبب من الممكن أن يُثني المستثمرين عن استثمارهم من البداية أو يتسبب بإنهاء هذا الاستثمار في منتصف الطريق. غالباً ما يتسبب ذلك بدفعهم إلى أخذ القرار بالاستثمار في مكان آخر. كما أن البيروقراطية طويلة الأمد والمتاهات الإدارية تؤثر بشكل سلبي على الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة. أيضاً لا تدعم السلطة القضائية غير الكفؤة حقوق الملكية ولا تسهل إبرام العقود، الأمر الذي يجعل رجال الأعمال يترددون بالاستثمار وفي النهاية يتسبب ذلك باستثمار ضئيل أو فقدان لرأس المال.
من بين عشرين بلد أخذت في العام 2020 أفضل المراكز من حيث سهولة ممارسة بالتجارة لم يكن هناك وجود لأي بلد عربي. فقط خمسة دول نفطية، يعني السعودية، البحرين، الإمارات، الكويت، وقطر كانت من ضمن المئة دولة الأوائل. على سبيل المثال في العام 2008 كانت مصر من بين الـ 180 دولة في العالم التي يمكن ممارسة التجارة فيها بسهولة واحتلت المركز 126. لقد كانت مشكلة الحصول على الائتمان، عدم الكفاءة الناجمة عن البيروقراطية، عدم وجود ما يكفي من الموارد البشرية المتقدمة والمتاحة، من جملة العوامل المثبطة للنمو في البيئة التجارية في مصر.
لا يزال تنفيذ القوانين في البلدان العربية يستلزم اجتياز مراحل إدارية وقضائية معقدة. يتسبب نفس الموضوع بدفع بعض المستثمرين للتفكير بحل سريع لمشكلاتهم باتباع اجراءات غير قانونية؛ حتى وإن كانت تكاليفها أكبر.
تختلف الإصلاحات التنظيمية في الشرق الأوسط بالمقارنة مع نقاط أخرى من العالم من حيث الدخول والخروج من الوظائف، طرق تنفيذ العقود، الوصول للائتمان، وجودة العمالة. بالمقابل ومقارنةً بالمناطق النامية الأخرى؛ تكون البيروقراطية والتكاليف المرتبطة بها كبيرة جداً وهذه المشكلة ذاتها هي من الأسباب التي تقيد الشركات الخاصة.
يعتبر الفساد من جملة العوائق الأساسية التي تقف في وجه النمو الاقتصادي والتجاري في منطقة مِنا. هناك العديد من الشواهد التي تشير إلى وجود الفساد في المؤسسات، الذي هو عامل مدمر ومسبب لتوقف النمو الاقتصادي. كما يترك انتشار الفساد أثراً سلبياً على نمو الموارد البشرية وتنمية الاستثمارات الخاصة، الأمر الذي يتسبب بعدم استقرار سياسي وفي نهاية المطاف تراجع التنمية.
في بيئة الفساد، حتى وإن كان الشعب غير راضٍ عن الوضع الاقتصادي، ولم يكن لديهم الحافز لتغيير الوضع الحالي ومحاربة الفساد؛ كان هذا الضعف في الحافز أرضية لاستمرار الفساد. يعيق الفساد المستشري ديناميكية الشركات والشفافية في البيئات التجارية. لذلك فإن المحسوبية أو إعطاء امتيازات خاصة بناءً على القرابة، تشوه بيئة الأسواق والعملية التنافسية. إن منح المناصب الرئيسة في الحكومة، بناءً على المحسوبية وليس الكفاءة، يضر بالمهام الحكومية وقدرتها على الوصول إلى أهدافها المنشودة بالتنمية.
إن التجارة في العديد من البلدان العربية ليس بالعمل السهل. يعاني التجار العرب من أجل أخذ الرخصة بممارسة العمل التجاري من إجراءات معقدة. أيضاً للتجارة معهم قيود مؤسساتية لا تعد ولا تحصى التي تكون غالباً غير واضحة تماماً وغير متلائمة مع مناطق أخرى من العالم؛ حتى في المغرب التي اقتصادها منفصل تماماً عن جاراتها العرب فإن تسجيل تجارة جديدة يتطلب أكثر من عشرين وثيقة ويستغرق أكثر من ستة أشهر. تثبط هذه المعوقات من عزيمة المستثمرين للدخول في السوق؛ وبالنتيجة، يقلل ذلك من المنافسات الأمر الذي يسبب زيادة في عدم كفاءة الاقتصاد إضافةً إلى معاناة السوق من الركود. علاوةً على ذلك، تتسبب البيروقراطية المقيِّدة في منطقة مِنا إلى سلوكيات غير مقبولة مثل أخذ الرشوة، المحسوبية، والواسطة وكما يقال اليوم المحسوبيات والتي تؤدي في النهاية إلى الفساد.
أحد الأسباب المحتملة لاستمرار البيروقراطية التجارية هي رغبة الطبقة الحاكمة بالمحافظة على قدرتها في تخصيص رأس المال. لذلك فإن السلطات السياسية المعاصرة في مِنا لا تدعم الجهات الخاصة لتأسيس شركاتهم الخاصة أو بعبارة أخرى المؤسسات المستقلة قانونياً؛ وذلك بسبب قلقهم من أن يتم بعثرة قسم لا بأس به من رأس المال وبعد ذلك قوتهم الاقتصادية وفي النهاية نفوذهم السياسي. هذا الشيء من الممكن أن يشكل تهديداً كبيراً لبعض الحكام المستبدين في العالم العربي؛ حتى اليوم، توجد في معظم الدول العربية، وخاصةً في مجال الاستثمار الخارجي، قوانين صارمة لإنشاء الشركات المستقلة ذات المسؤولية المحدودة، لأن الشركات التجارية المستقلة تساعد في إنشاء أنظمة ديمقراطية ويستطيع المواطنون بعيداً عن القوة المركزية والمستثمرين والروابط بينهم وأيضاً دون الاعتماد على عنصر رأس المال جمع الثروة والارتقاء بمكانتهم الاقتصادية. هذه العملية من الممكن بمرور الزمن أن تزيل الطبقة الحاكمة وتتسبب برفع إمكانية تقسيم السلطة على المجتمع بشكل أكبر.
علاوةً على ذلك، فإن وجود شركات كبيرة ومتوسطة ودعمها، هي أرضية لإحداث طبقة متوسطة متعلمة تضغط على الحكومة من أجل إحداث إصلاحات جذرية وتغييرات سياسية. من هذه الجهة وحتى اليوم لم يُظهر الأشخاص المسؤولون في منطقة مِنا رغبة بإحداث تغييرات أساسية في مسير الأعمال التجارية. وإذا بقي هذا النهج في تجارة العرب في المستقبل أيضاً بدون تغيير؛ فإن التطورات الاقتصادية الشاملة للشبان العرب ستواجه تحدياتٍ خطيرة.
ما عدا هذه المعوقات الأساسية في ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، توجد تحديات أخرى أيضاً في إطلاق الشركات في هذه المنطقة التي تعاني دائماً من الأزمات والتي سنبحث عدداً منها باختصار فيما يلي.
يحاول رجال الأعمال في الشرق الأوسط الحصول على التمويل الذي هم بحاجة له وذلك عبر لفت انتباه المستثمرين لهذه المشاريع. هذا الأمر يجبر رجال الأعمال هؤلاء على تحديد مجال نشاطهم التجاري من أجل الوصول إلى هذا الهدف. تسبب هذه القيود المالية جعل نشاطاتهم أقل من قدراتهم.
إن إطلاق الشركات في الشرق الأوسط ليس بالأمر السهل بسبب وجود العديد من القوانين التي يجب على رجل الأعمال الالتزام بها. إطلاق الشركة أكثر من كونه في البداية يستغرق وقتاً من الزمن؛ فإن هذه العملية طويلة الأمد تسبب هدراً للوقت وهدر لقدرات رجال الأعمال. افتتاح شركة هو قرار كبير للغاية؛ إذا كنت في الشرق الأوسط، فإن أول وأفضل عمل تقوم به في البداية هو استشارة المتخصصين في هذا المجال.
ترغب الشركات الصغيرة في الشرق الأوسط بالنشاط في الأسواق الصغيرة. لهذا السبب، فإن الشركات التي تبحث عن كسب الربح من الإعلانات تواجه خيارات قليلة ومحدودة ولكن المشكلة التي تزيد الأمر سوءاً هي المنافسة المتزايدة بين الشركات الصغيرة الناشئة. إن النطاق الصغير للسوق يجعل المنافسة أقوى وفي النهاية يمنع اتساع العمل في الأسواق الأكثر حداثة والأكبر حجماً في المنطقة.
يجب على رجال الأعمال في الشرق الأوسط أثناء إطلاق شركاتهم الخاصة التغلب على العديد من العوائق ولكن عندما تزدهر شركاتهم فهم يحصلون على نوعين من الجوائز: جوائز مالية وجوائز عاطفية. من ناحية، كون ذلك أمر مربح وأن شركتهم من وجهة نظر مالية ثابتة أيضاً كما يمنحهم ذلك الوصول إلى الثروة. ومن ناحية أخرى فإنهم يشعرون بالفخر عند رؤية جودة منتجاتهم أو خدماتهم ورضى العملاء عنها.